الصفحة الرئيسية › قضايا و حوادث
قضايا و حوادث
هذه حقيقة الجنس والمخدرات وشبكات التسوّل في حي النصر
نشر في 15 جانفي 2014 (11:26)
حي النصر «أو أحياء النصر» بعد أن إمتدّ وتحول الى أحياء ظلّ تسارعه الرئيسي بمحلاّته الفاخرة ومقاهيه الفارهة التي يميّزها الغلاء من ناحية ونوعية الحرفاء الذين يقصدون هذا الحيّ الرّاقي بل فاحش الثراء من ناحية أخرى، وعلى مرّ السنوات تحول حي النصر الى قبلة الباحثين عن اللذة الحرام والى السّهرات الحمراء في شققه الفارهة.. والتي بدأت رائحتها تفوح وتزكم الأنوف بعد ان كان الحديث عنها من المسكوت عنه...
أخبار الجمهورية لم تكتف بالتصريحات الصحفية ولا بصفحات الحوادث التي تنشر أخبار الجريمة والدّعارة بل اختارت الذهاب الى ذاك الحيّ لسبر أغواره ونقل ما شاهده صحفيوها بلا تنميق وبلا مبالغة.
مثلما اكتسب حي النصر شهرته من غلاء شققه ومحلاته فانّ بعض مقاهيه اشتهرت بأنّها «للكبارات» وانّ سهراتها لا يقدر عليها الاّ أصحاب المال الوفير، حرفاؤها وهم يرتادونها يدركون حتما انهم سيقضّون اوقاتا مع الفاتنات.
في حي النصر توجد بعض المقاهي التي يملكها أصحاب النفوذ لا يعلم أحد من أيّ مصدر كوّنوا ثرواتهم، لكن المتأمل في ديكور هذه المقاهي ومساحاتها وعود العمال فيها يدرك جيدا انّ ماخفي كان أعظم. أكثر من ذلك لا تتفاجأ أحيانا وانت تتقدّم الى باب الدخول لاحدى المقاهي بشابين مفتولي العضلات يمنعون من الدّخول بدعوى انّ الأماكن محجوزة، فتستغرب وتتساءل في سرّك عما يحدث في الدّاخل فالمحلّ هو مقهى عادي وليس ملهى ليليا حتى تمنع من الدخول لكن أحد مصادرنا أكّد لنا انّ بعض المقاهي أعدّت «للكبارات» للسّهر ولاختيارالفاتنة التي سيقضي معها الحريف آخر الليل...
وعدنا ثم استراب وأنكر!
دخلنا الى احدى المقاهي واخترنا مكانا قصيّا حتى نتمكّن من مشاهدة كل الحرفاء، في بعض الكراسي كانت توجد فتيات جميلات يدخّن النرجيلة ويضحكن بصوت عال، وهن بكامل زينتهنّ، بجانبنا كان يجلس شابين قالا انّهما من ليبيا قدما لزيارة قريبهما المقيم بإحدى المصحّات الخاصّة، بعد محادثة قصيرة التحقا بطاولتنا وبدا أنّهما يدخلان المقهى لأوّل مرّة، وبسرعة اقنعناهما بأننا سنحاول ان نساعدهما على قضاء ليلة حمراء، اقترب مني النادل الذي اعلمته انهما من اصدقائي، وأريد ان نحتفل بقدومهما من ليبيا وسألته مباشرة عن مكان آمن يمكن ان نسهر فيه، تركني ومضى ليعود بابتسامة عريضة واخبرني انّ الأمر صعب في هذا المكان لكنه مستعد بأن يساعدني على التعرّف على 3 شابات على أن أمكّنه من مبلغ مذهل وهو 500 دينارا. الخطأ القاتل الذي ربّما ارتكبته انني وافقته بسرعة دون تردّد وهو ما أثار حفيظته ليعود اليّ ويعتذر بل قال لي انه كان يمزح معي!
الحقيقة انّ كل من يعمل داخل ذلك المقهى اصبح ينظر الى طاولتنا بريبة وهو ما دفعنا الى مغادرة المكان بسرعة حتى لا نلفت الأنظار وقد تركنا خلفنا اصدقائنا الليبيين المزعومين...
في مقهى بدا وكأنّه مغربي بديكوراته العجيبة مثل أسعاره المشطّة، انتشرت في بعض طاولاته فتيات في عمر الزّهور ما يميّزهنّ كمية المساحيق الموضوعة على وجوههنّ، ونكاد أجزم انّ بعضهنّ لم تتجاوزن الـ18 سنة، كنّ يدخّنّ بشراهة ويجلن بناظرهنّ على كلّ داخل للمقهى، ومن خلال حديثهنّ مع بعض العاملين في المقهى يبدو أنّهن حريفات دائمات بالمحلّ.
لم تمضي بعض الدّقائق حتى علا ضحكهنّ وأحاديثهنّ وبحلول شابّ بالمكان وشوش لاحداهنّ فتناولت حقيبتها اليدوية وتأبّطت كتفه وغادرت المكان بصحبته، في حين واصل البقية الجلوس الى حين حلول 3 شبانا شاركوهم جلستهنّ، غير بعيد عنهنّ كانت احدى الفتيات بالكاد يبلغ عمرها 17 سنة تجالس شابّا بدا من لهجته انه ليبي الجنسيّة تمسك سيجارة بين أصابعها وتتحدّث بصوت عال عن ظروفها الاجتماعية الصعبة حينا وتسرد النكت البذيئة حينا آخر..
مـــلاه ليـلـيــة في ثوب مقــاهي
مع حلول الليل كنا نتنقل بين مقاهي حي النصر وهي التي تحوّل بعضها بقدرة قادر إلى ملاه ليلية تنشّطها فرق موسيقية لا نعلم من أين أتت، رواد المقاهي من كلّ لون يا كريمة تونسيون من الطبقة المترفة وأجانب ليبيون وجزائريون وحتى من مصر والأردن، بعضهم وفد لمرافقة الأقارب في رحلة علاج وآخرون جاؤوا للسياحة أو الدراسة، يختلط الحابل بالنّابل نقف على جنبات الطريق سيارات فارهة، ينزل منها رجال مترفون ونساء من كل الأعمار.. تتحول المنطقة الى عالم آخر بعيدا جدّا عن الأحياء الشعبيّة التي ينام فيها المواطن باكرا.. بحثنا بين المقاهي التي قيل لنا انّها مشبوهة، وانّها فوق القانون، فلاحظنا انّ حرفاؤها هم نوعية خاصة جدا.. بدت القاعات الدّاخلية مزدانة بأضواء خافتة، صوت الموسيقى الصّاخب وأغاني هابطة بالكاد تتبيّن وجوه الحاضرين، شموع على الطاولات وأجواء رومنسية رغم ظلمةالمكان...
ماذا يحدث في حي النصر؟
المعلومات التي تحصلنا عليها من بعض مصادرنا الخاصّة تفيد انّ بعض المقاهي (نحتفظ بأسمائها) هي فوق القانون ولا يمكن غلقها أو حتى التجرّؤ على التنبيه عليها لمخالفاتها الصريحة، يتحدث الينا مصدرنا انّ بعضها متورّط، لا فقط في توزيع المشروبات الكحولية على فئة خاصّة جدا من الحرفاء بل حتى في توزيع المخدّرات باهضة الثمن من نوع الهيروين والكوكايين، أحد هذه المقاهي صاحبها من ذوي السوابق العدلية يحتمي ببعض الأطراف الأمنية وينفق عليهم بسخاء وهو ما مكّنه من حصانة خاصّة وجعل مقهاه ملجأ للباحثين عن «قعدات» من نوع خاص.
وحتى يبرهن محدثنا صدق كلامه حدّثنا عن احدى المقاهي التي ضبط فيها كميات كبيرة من قوارير «الفودكا» ورغم ذلك لم يقع اصدار قرار غلق في شأنها، بل اكثر من ذلك يؤكد لنا انه رغم حجز عديد المعدّات الموسيقيّة في احدى المقاهي وتمّ اقتراح قرار غلق في شأنها لكن دون جدوى..
مخدّرات عملة وخمور...
ما يمكن ان نكشفه ايضا في هذا التحقيق هو انّ كمية من المخدّرات تمّ ضبطها امام احدي المقاهي ولكن إلى الآن لم يفتح تحقيقا بشأن هذا المقهى ولم يقم أحد بالاجراءات القانونية رغم ضلوعها في توزيع الخمور على حرفائها.
ما حكاية الشقق المفروشة؟
بين الحين والآخر يتبادر الى مسامعنا بعض القضايا الأخلاقية من الحجم الكبير يكون مسرحها احدى الشقق المفروشة الكائنة بجهة حي النصر، لكن يبدو ان ما يتسرّب الينا من أخبار هو نزر قليل من كثير وهو ما كشفته مؤخّرا نقابة الأمن الجمهوري التي أكد ناطقها الرسمي حينها ان ما بين 400 و500 شقّة بحي النصر يقع استغلالها للدّعارة، لكن ما أثارنا حقا هو انّ بارونات اختصّت في التوسّط في كراء شقق مفروشة حتى انّ أحدهم يتصرّف في حوالي 40 شقة وضعها تحت ذمة الباحثين عن اللذة الحرام وخاصّة من الأجانب، هذا الشخص سجّلت ضدّه 600 محضر في مخالفات استغلال الشقق للزنا، وهو من ذوي السوابق العدلية بل اكثر من ذلك هو محل تفتيش اذ صدر في حقّه منشور بتاريخ 27 ديسمبر 2012 لفائدة الإدارة الفرعيّة للوقاية الاجتماعيّة لكنّه لا يزال حرّا طليقا بل أكثر من ذلك نظّم وقفة احتجاجيّة أمام مركز الأمن وهو ما يطرح اكثر من سؤال حول من يحمي هذا الشخص وهل هناك من هو فوق القانون؟
قاصرات في شباك المتمعّشين من الدّعارة
انّ ما يحدث في بعض الشقق المفروشة بجهة حي النصر يطرح اكثر من سؤال خاصة حول المتمعّشين من هذا النشاط المشبوه اذ علمنا انّ شبكة كاملة تنطلق من بعض أصحاب التاكسيات الذين يتوسّطون في جلب الحرفاء ويعقدون صفقات مع بعض الوسطاء حيث يكون المقابل عشر دنانير عن كل حريف بحساب الليلة الواحدة، اما عن الفتيات المغرّر بهنّ فيقع اصطيادهنّ من بعض المقاهي الكائنة بجهة حي النصر او عبر وساطات تقوم بها بعض المنظّفات اللائي لا يتردّدن في جلب الفتيات أو أحيانا يمارسن هنّ بأنفسهنّ الدعارة بمقابل.
اللافت انّ بعض الضحايا هم من التلميذات القاصرات المنحدرات من بعض الأحياء الفقيرة والمهمّشة وقد علمنا انّ احدى الفتيات لا يتجاوز عمرها الثانية عشر سنة تمّ إلقاء القبض عليها مؤخرا باحدى الشقق بصحبة شابين ليبيين.
ظاهرة المخدّرات
كشف الناطق الرسمي لنقابة الأمن الجمهوري انّ ظاهرة ترويج المخدّرات وخاصة في صفوف تلاميذ المعاهد اصبحت رائجة بجهة حي النصر امام النقص الحادّ في أعوان الأمن بالجهة، حيث انتشرت الظاهرة بشكل لافت خاصّة انّ المتورّطين فيها هم بعض أصحاب الأكشاك، ومن اصحاب السوابق العدلية ايضا كما كشفت النقابة ايضا انّ لها من الأدلة الدّامغة على تورّط بعض المقاهي في ترويج هذ السّموم، لاحظنا وجود ظاهرة أخرى لا تقل أهمية وهي ظاهرة التحيل التي يقوم بها بعض الأفارقة الذين استقرّوا بالجهة، وقد سجلت عديد القضايا في الغرض، كما يهدد بعضهم شبابنا من خلال الأمراض المنقولة وخاصة مرض فقدان المناعة «السيدا».
شـبـكـــات للــتـسـوّل
ما لاحظناه أثناء وجودنا بجهة حي النصر هو تكاثر المتسوّلين وخاصّة من جنس النساء اللائي يرابطن أمام المحلات التجارية والعمارات السّكنية، وما يميّزهنّ هو تقارب اعمارهنّ من جهة وسلاطة اللسان من جهة اخرى فهنّ لا يتردّدن في كيل السباب والشتائم والتفوه بألفاظ نابية لكل من يتجاهلهنّ وقد اكد لنا احد المتساكنين انهن يفدن عبر مجموعات ولم يخف لنا انه وراءهنّ شبكات مختصّة في التسوّل، خاصة وقد شاهدهنّ في أحيان كثيرة يمتطين شاحنة مع نفس الشخص.
سكّان حي النصر: كفانا تشويها
أثناء حديثنا مع بعض السكان بدا بعضهم مستاء مما وصفه بالحملة الممنهجة والإساءة لحي النصر، أشار أحدهم انّ بعض الفاشلين من الذين يريدون تسييس العمل النقابي أرادوا تشويه حيهم من أجل أغراض سياسية ودعاهم للكفّ عن ذلك، مؤكدا انّ كثيرا من الكوادر والشخصيات والجامعيين يقطنون حي النصر ولا علاقة لهم ممّا يروّج من أخبار قال انّها زائفة، لكن سيدة أخرى لم تخف انزعاجها لما يحدث في بعض الشّقق بالجهة واعتبرت ان ذلك يعدّ جريمة لابد من القضاء عليها مشيرة الى انّ هناك نقص في عدد أعوان الأمن متسائلة هل يعقل ان يكون لهذا الحي المترامي الأطراف مركز أمن وحيد يغلق أبوابه بعد السادسة مساء، وطالبت بضرورة تكثيف الحملات الزمنية والدوريات الليلية.
مواطن آخر رفض ذكر اسمه اكد لنا ان ما يحدث بحي النصر هو جريمة في حق الشباب مشيرا الى انّ كثيرا من مالكي الشقق قد اختاروا الهروب من جحيم هذا الحي خاصة بعد ان بدأت رائحة الخناء والمجون تفوح من بعض الشقق.
مركز الأمن الوطني بحي النصر يوضّح: نحن نعمل أقصى جهدنا لاستتباب الأمن
عند قيامنا بهذا التحقيق اتصلنا بمركز الأمن الوطني بحي النصر وقد أفادنا مسؤول أمني هناك انّ ما وقع ترويجه في المدّة الأخيرة من حقائق حول تفشّي ظاهرة الدّعارة والمخدّرات بحي النصر هو مجرد ادعاءات كاذبة مشيرا الى انّ ذلك اساء الى اهالي ومتساكني المنطقة مبينا ان التجاوزات موجودة مثلما هو الحال في عديد المناطق لكن الأمنيين ورغم قلة الامكانات هم عاقدون العزم على بذل الجهد من أجل استتباب الأمن.
وكشف لنا المسؤول الأمني انهم تمكّنوا في المدة الأخيرة من إلقاء القبض على عديد السماسرة وهم الآن أمام انظار القضاء، ونفى ان يكون احد فوق القانون، ولكنه اشار ايضا الى انّ اتّساع حي النصر وكثافته السكانية الرهيبة جعل من المركز الوحيد بالجهة غير قادر بامكاناته البسيطة وعدد اعوانه المتواضع على العمل بكل راحة، في المقابل ايضا توجه بنداء الى سلطة الاشراف الى ضرورة تركيز مركز أمن آخر بالجهة وتوفير التجهيزات خاصّة انّ سيارة وحيدة لاتكفي.
كما كشف لنا ايضا انّهم تمكّنوا في المدّة الأخيرة من ضبط احد المقاهي بالجهة بصدد ترويج الخمور على بعض الحرفاء وقد تم ايقاف صاحب المقهى وهو يقبع الآن وراء القضبان، وهو ما يعكس ـ حسب قوله ـجديتهم وعملهم الدؤوب، ودعا في الأخير الى عدم تشويه هذا الحي خاصّة وهو المصنّف بأنّه منطقة سياحيّة وعليه فمن الطبيعي ان تنظّم مقاهيه حفلات من أجل جلب السيّاح.
تحقيق: عبد اللطيف العبيدي